الأربعاء، 19 أبريل 2017

الإعلام الرقمي (الإعلام الجديد).. أدوات تواصل متنوعة ومخاطر أمنية متعددة

ونحن نعيش عصر المعرفة لابد أن ندرك فحوى ما نتلقاه وما يتلقاه أفراد مجتمعاتنا، فقد تعددت الوسائل الإعلامية وكثر معها أصحاب الرسائل وتعددت موادهم الإعلامية، وتفاوتت قيمتها بين الغث والسمين، وبين الإيجاب والسلب، وبين البنّاء والهدّام؛ ومن هنا كان لزاماً على الباحثين والمختصين أن يقوموا بدورهم في سبر أغوار تلك الوسائل ومعرفة فحوى المادة التي تبثها، والتحقق من تأثيراتها، وحقيقة من يقف خلفها، وتحديد الأهداف التي يريد الوصول إليها من خلال ما يبثه.
والوسيلة الإعلامية التي كانت في الماضي القريب حكراً على الدولة توجهها بما يخدم أهدافها، لم تعد كذلك اليوم، بل صارت كثيرٌ من الدول الحلقة الأضعف بين المرسلين، الذين يتفاوتون بين جهات تقف خلفها حكومات تدعمها وترسم أهدافها، وبين أشخاص بسطاء لا يملكون سوى المادة التي يقوممون بنشرها عبر تلك الوسائل الإعلامية وخاصة الإنترنت بنوافذها المتعددة، إلا أن تكاتف أولئك البسطاء واتحادهم صار يهدد الدول واستقرارها بشكلٍ أكبر من بقية أرباب الوسائل الإعلامية الآخرين، وهذا ما يجعل المهمة صعبة فمن كان في السابق متلقٍ لا حول له ولا قوة صار اليوم مرسل يفرض رأيه بقوة دون تكلفة مالية ولا حتى جهود بشرية خارقة. ومن هنا تأتي قيمة هذا البحث الذي يسعى إلى بيان أمرين يراهما محور اهتمامه: الأول عرض موجز لبعض الوسائل الإعلامية الحديثة والتي يرى الباحث أن القنوات الفضائية لا يمكن سلخها عنه بحال، بالإضافة إلى الإنترنت وادواتها المتنوعة. أما المحور الثاني: فيتمثل في استعراضٍ سريع لأبرز أشكال المخاطر الأمنية المتأتية من تفشي تلك الوسائل الإعلامية الحديث. كما لم يغفل الباحث استعراض أهمية الإعلام كحقل صار هو المحرك الأول للشعوب، ومن يمتلك أدواته ويحسن إدارته يستطيع الظفر بمكاسب عديدة ومتنوعة لا حصر لها. وفي ختام البحث وضع الباحث بعض الحلول والتوصيات لاحتواء البث الإعلامي الجديد، والحد من تأثيراته السلبية.

المبحث الأول

تعريف بالبحث

يسعى البحث إلى تسليط الضوء على الإعلام الجديد؛ بصفته الوسيلة الأقدر وصولاً إلى كافة فئات المجتمعات، والأكثر فاعلية وتأثيراً على المجتمع، ومن يتحكم به أو يمكنه توجيهه فسيكون قادراً على قيادة المجتمع وتوجيهه بالطريقة التي يريد، وهذا ينازع سلطة الدولة بشكل كبير ويتيح المجال لأصحاب المطامع والمصالح الخاصة لتحقيق مكاسب ومآرب خاصة بهم قد تشكل خطراً أمني على المجتمع، وهذا ما يسعى البحث إلى تسليط الضوء عليه من جهة مع إعطاء لمحات موجزة عن أبرز تلك الوسائل الرقمية المستخدمة.

مشكلة البحث

تتمثل مشكلة البحث في ثلاثة أبعاد رئيسية يأتي على رأسها عدم استشعار كثيرٍ من المعنيين بتسيير شؤون المجتمعات العربية بخطورة الإعلام الرقمي، حتى ترتب على ذلك سقوط وزعزعة أنظمة قائمة باستخدام تلك الوسائل. الأمر الآخر أنه حتى بالنسبة لمن علم خطورة الإعلام الجديد ما يزال غير مدرك للكيفية التي يدار بها ولا آليات استخدام ذلك الإعلام ولا حقيقة تأثيره، بل إن بعض المعنيين لو لم يشاهد بعينه نتائج حقيقية لذلك الاستخدام لاستمر في انكاره. والنقطة الثالثة التي تشكل بعداً آخر يحرض الباحث على تقصي تأثيرات الإعلام الجديد أن سلبياته متعددة ومخاطره على الأمن الشامل لا تتوقف على شكلٍ واحد يمكن رصده بل هناك أشكال متعدد للسلبيات المتأتية من هذا الإعلام وقد سعى الباحث إلى تسليط الضوء على أربعة أشكال منها.

أهمية البحث

تأتي أهمية البحث لكونه يسلط الضوء على وسيلة في غاية الأهمية، ولابد للحكومات الفاعلة الصادقة من الالتفات إليها وتوجيهها بما يكفل الحد قدر الإمكان من سلبياتها، بالإضافة إلى تسخيرها بما يخدم الصالح العام. أهداف البحث:
  1. التأكيد على أهمية الإعلام بشكلٍ عام، والإعلام الرقمي بشكلٍ خاص مع إيراد بعض ما يؤيد ما يسعى الباحث لإيصاله.
  2. لفت الأنظار إلى المخاطر المتعددة الناتجة عن إساءة استخدام الإعلام الرقمي الجديد والسعي لبيان بعض تلك الأشكال وتوضيح شيءٍ من مخاطرها.

تساؤلات البحث

  1. هل يتوقف الخطر الأمني على ما تقوم به الفئات الضالة من خلال تسخيرها الإعلام الجديد لما يخدم مصالحها في تجنيد الإرهابيين؟ أما أن هناك مخاطر أخرى ناتجة عن عدم مراقبة هذا النوع من الإعلام المتاح لكافة أفراد المجتمع؟
  2. هل يدار الإعلام الرقمي بأيدٍ محلية لها أهدافها الخاصة، أما أن هناك أطرافاً خارجية تقف خلف بعض ما يبث سعياً لإحداث البلبلة وزعزعة الأمن في بعض البلدان العربية؟
  3. ما هي الأنواع أو الوسائل الإعلامية الأكثر فاعلية، أو لنقل الأكثر تهديداً للأمن التي يمكن أن تستخدم سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة لزعزعة الأمن المجتمعي؟

منهج البحث

انتهج الباحث الإسلوب الاستقرائي من خلال قيامه بمتابعة ما ينشر على تلك الوسائل وتحليل ما يقوم برصده وتصنيفه بما يمكن أن يعطي صورة متكامل لواقع نعيشه تساعد على فهم ما يجري وتشخيصه ومن ثم وضع الحلول المساعدة على الحد من خطره من جهه، وعسفه ليكون أداة نافعة من جهة ثانية، كما قام الباحث باستقصاء آراء بعض الفئات المعنية من خلال استطلاع آرائهم وتوصل لبعض النتائج التي عززت كثيراً مما توصل إليه نظرياً.

الدراسات والبحوث السابقة

هناك العديد من الدراسات التي تناولت موضوع الإعلام وعلاقته بالأمن من جوانب متعددة، ولعل الباحث يكتفي بتسليط الضوء ـ بشكل موجز ـ على ثلاث دراسات متخصصة بهذا الشأن.
  • أولاً: الإعلام الأمني والأمن الفكري في المملكة العربية السعودية. د. نهاد بنت فاروق عباس.
تحدث البحث عن دور الإعلام في التوعية الأمنية التي تعمل على تحقيق البيئة الفكرية الآمنة بشكل عام في المملكة العربية السعودية على شكل شبكة منظمة من قبل السلطة تعمل على تغطية أكبر قدر ممكن من جوانب حياة أفرادها . وتهدف السلطة من هذا الاستخدام لوسائل الإعلام إلى تحقيق هدف أمني يخدم المجتمع والفرد من خلال العمل على خلق رأي عام إزاء أي مشكلة قد تصادف الفرد أو المجتمع في المحيط الأمني. ويسعى الإعلام الأمني إلى التفاعل مع أفراد الشعب وصولاً إلى تحقيق توعية أمنية عامة على أساس من الشرع و الأمن والوعي الثقافي لتتجلى صورة الإعلام الأمني في الاستقرار النفسي للفرد الذي يستدل على مدى اهتمام الدولة به وبثقافته الأمنية حتى لا يقع في المحظور مما يدفعه إلى الحفاظ على أمنها والبعد عن طريق الجريمة لما يعلمه من آثار لحدوث أي خلل في الأمن فهو من قبيل وسائل التوجيه الفكري على مستوى الدولة. وخلصت الباحثة أهمية تفعيل ترابط العلاقة بين الأمن الداعم الرئيسي لاستقرار المجتمع وبين الإعلام وما يطرحه من فكر بما يمثل العنصر الثقافي في المجتمع. ومسؤولية دور الإعلام في تغذية المجتمع بالتوعية الفكرية الأمنية والعمل على نشر الثقافات السليمة بين الشعوب. وإبراز وسائل الإعلام لما يستحوذ على اهتمام الجماهير من أخبار حول العالم عن أفكار جديرة بالعلم وربطه بسياسة الدولة بصفة خاصة لما تمر به المملكة العربية السعودية من مرحلة التطور القافز نحو ترسيخ دور الإعلام الأمني في المملكة. كما خلصت إلى أنه ينبغي على وسائل الإعلام العمل على مقاومة التيارات الفكرية المنحرفة سواء كان هدفها الدين أو السياسة التي لا تنفصل عن الدين الحنيف الذي يرسم أسلوب وطرق السياسة الصحيحة في الدولة الإسلامية.
  • ثانياً: التحدي الإعلامي .. مفهومه وسبل مواجهته. د. ماجد بن محمد الماجد.
تحدث البحث عن التحدي الإعلامي بوصفه أحد أهم الوسائل التي تتهدد الأمن في بلادنا وبين مفهومه وأبعاده بعد أن غيرت ثورة الاتصالات الحديثة المشهد الإعلامي والاتصالي العالمي واتسع مدى تأثير وسائل الإعلام وتعاظم بشكل لافت حتى غدا سلطة أولى فاشتدت الحاجة إلى حماية أسس الهوية الثقافية والوطنية الأصلية في مواجهة هذه الآلة الإعلامية الهائلة وكيف أن هذه المهددات الفكرية والإعلامية تجعل من قضية الأمن الفكري الإعلامي ضرورة حتمية ملحة بعد أن اتضح للجميع أن الانحراف الفكري يعد من أهم الدوافع والأسباب للجنوح إلى العنف والإرهاب. وتطرق لوسائل التحدي الإعلامي وتأثيرها وتنبه تنظيمات الغلو إلى خطورة وأهمية الإعلام المعاصر في عملية تشكيل الوعي أو تغييبه فبدأت تركز على الإعلام أكثر من أي شيء آخر في ظل التطور السريع والمتنامي لأجهزة الإعلام وتنوع محتواها وتعدد مضمون رسالتها الإعلامية مما جعلها أكثر قرباً إلى الإنسان وأشد المصادر تأثيراً فوضح أن تقنية الاتصال فرضت نفسها بقوة على العصر الذي نعيش فيه بصورة واضحة ومن تلك الوسائل (الإذاعة ، الصحافة المهاجرة ، القنوات الفضائية ، شبكة الإنترنت ، رسائل الجوال).
  • ثالثاً: الإعلام التقليدي والإلكتروني في مواجهة الإرهاب. المقدم / حسين بن محمود العوضي.
تتحدث الدراسة عن جانبي الإعلام التقليدي والإلكتروني وكيف تعاملا مع الأحداث الإرهابية التي وقعت في العالم إضافة إلى دورهما في التصدي للإرهاب من خلال تكثيف الجهود في نشر الرسائل الأمنية والتوعوية المباشرة وغير المباشرة والتي تساهم في التوعية أفراد المجتمع بخطر الاختراق الإرهابي لعقولهم عبر الإنترنت والفضائيات الهابطة التي تقدم على شاشاتها المفاهيم الإعلامية الرخيصة أو التي يمكن تسميتها بالفضائيات الصفراء على غرار الصحافة الصفراء والتي زاد عددها في الوقت الحاضر وبدأت تطل بخطرها عبر شبكة الإنترنت. وتناولت مفاهيم وتعريفات الإرهاب والإعلام و لغة الإرهاب بأشكاله ودوافعه وبعض الصور القديمة حول الإعلام والإرهاب بصفته المرآة الناطقة بينما الإرهاب الإلكتروني يمثل العنكبوت السام والمصباح السحري وبوابات الدخول للشبكة العنكبوتية. وخلص الباحث إلى أن التصدي للإرهاب يتطلب من الجميع وقفة جادة على كافة الأصعدة وهنا يقع الحمل الأكبر على عاتق الإعلام العربي في توجيه رسائل إرشادية حول خطر الانحراف نحو الهاوية عبر المواقع الإلكترونية والمنتديات المشبوهة .لأن سلامة الأوطان والمجتمعات الهانئة لها أعداء لا يرغبون في الاستقرار لهذه الأوطان بقدر ما يهمهم نشر أفكارهم عبر الإعلام وشبكات الإنترنت وتسخير شياطين القرصنة والتجسس لخدمتها ومع النقلة التكنولوجية الحديثة لعالم الشبكات يأتي دور الحماية لجيل الشباب من هذه الخدمة النافعة الضارة في آن واحد تلك الفئة التي تقوم على أكتافها نهضة الأمم التي يجب الحفاظ عليها قبل أن تقع فريسة للإرهاب ومجرميه.

المبحث الثاني: مدخل إلى الإعلام

لقى الميدان الإعلامي بشكل عام الاهتمام الأكبر في الدراسة والتحليل، ونتيجة لهذا الاهتمام بالوسائل الإعلامية على اعتبار أنها القنوات الأساسية لانتقال الأخبار والمعلومات والأفكار، فقد اكتسبت بحوثه المتعلقة بالاتصال الجمعي بناء محددا غالبا ما يعبر عنه بالصياغة المشهورة التي صاغها " هارولد لازويل" Harold Dwight Lasswell وتقول: (من يقول ماذا لمن وبأي وسيلة وبأي تأثير؟) 1 وبهذا ندرك أهمية معرفة العناصر الثلاثة الرئيسية للبث الإعلامي المتمثلة بالمرسل، والرسالة، والمستقبل. 2
ويعرّف خبراء الإعلام العملية الإعلامية بأنها الوسائل التي بها تتم عملية الاتصال بالجماهير بحيث تتميز هذه الوسائل بالمقدرة على توصيل الرسائل في اللحظة نفسها وبسرعة إلى جمهور عريض متباين الاتجاهات والمستويات ومع قدرتها على نقل الأخبار والمعلومات والترفيه والآراء والقيم والمقدرة على خلق رأي عام وتنمية اتجاهات وأنماط من السلوك لم تكن موجودة لدى الجمهور المستهدف ومن هذه الوسائل الصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما والكتاب والتسجيلات المسموعة والمرئية والانترنت وغيرها كثير.
بينما يرى تشارلز رايت Charles R.Wrights بأن الإعلام يتمثل في نقل المعنى أو المغزى بين الأفراد.3 بينما يقول ولبرم شرام: إن كلمة إعلام Communication مشتقة من اللفظ اللاتيني Communis أي شائع Common فنحن حينما نتصل نحاول أن نشارك معلومات أو فكرة أو اتجاه مع شخص ما أو مع الآخرين.4
وهناك من يرى بأن الإعلام قديم قدم البشرية نفسها ومنذ بدء الخليقة ظهرت حاجة الإنسان إلى الاتصال والتواصل بالآخرين وإخبارهم عن حاله ومعرفة أحوالهم ولكن الاستخدام الفعلي للإعلام لم يظهر إلا في القرن العاشر حين بدأ الرومان ينشرون الصحف الحائطية التي أخذت بالتطور حتى اختراع الطباعة بواسطة جوتنبرغ حيث كان المجتمع في تلك الفترة مهيئاً ومستعداً لتطوير ذلك الأسلوب الجديد في الكتابة وتدوير الأفكار وإن اضطرت تلك المجتمعات للانتظار حتى القرن السابع عشر الميلادي لتكون مستعدة تماماً لتقبل وسائل الإعلام الجماهيري.5 وإن كنت لا اتفق مع هذا القول؛ ففيه إجحاف بحق العرب الذين عرفوا الإعلام قبل القرن العاشر الميلادي وحتى منذ عصور ما قبل الإسلام وكانت وسائلهم في ذلك الخطابة والشعر اللذان كانا ينتقلان مشافهة؛ وهو ما يتفق مع تعريف تشارلز رايت للإعلام (يتمثل الإعلام في نقل المعنى أو المغزى بين الأفراد) حيث كانت العرب قادرة على فعل ذلك، مع أن معظمهم ذلك الوقت كانوا أميين لا يحسنون القراءة والكتابة، إلا أنهم أحسنوا في هذا الفن واستخدموه لأغراض عده مازال يستخدمها الإعلاميون في عصرنا الحديث كنقل الأخبار، والمدح، والهجاء، والرثاء والحماسة، وغيرها.
ومثلما يعد الإعلان التجاري جزءاً من الإعلام الحديث، فقد كان كذلك في الإعلام القديم حيث أجاد إعلام ذلك الزمان ـ خاصة لدى العرب ـ صناعة الإعلان الترويجي سواء للسلع أو للأشخاص من خلال الشعر خاصة، ومن ذلك ما حصل في القرن الأول للهجرة، حيث قدم أحد تجار العراق إلى المدينة يحمل خُمُراً (مايغطى به الوجه) فباع الجميع الا الخُمر السود، فشكى حاله إلى بعض التجار فقالو له: ما يعينك بعد الله في التخلص من ما بقي من بضاعتك سوى الشاعر ربيعة بن عامر الملقب بمسكين الدارمي، فصاغ الدرامي له ثلاثة ابيات جاء فيها:
قل للمليحـــة في الخمــــار الأسود ... ماذا فعلت بزاهــــــــد متعبـــد
قد كان شمـــر للصلاة ثيابــــــه ... حــــتى خطرت له بباب المسجـــــد
ردي عليه صلاتـــه وصيامــــــه ... لا تقتليـــه بحق ديـــن محمـــــد
وحين ذاع خبر تلك الأبيات، لم تبقى في المدينة مليحة ولا غير مليحة الا اشترت لها خماراً اسوداً فباع التاجر جميع ما لديه من خمر سوداء. وقائل تلك الأبيات ربيعة بن عامر متوفى بالمدينة المنورة سنة 89هـ فانظر كيف استغل العرب الشعر أو إعلامهم ذلك الوقت في الترويج لما يرغبون والتزهيد في ما يكرهون. ومن ذلك أيضاً ما يروى أنه كان للمحلّق الكلابي ثمان بنات، لم تتزوج منهن واحدة فأتى الأعشى في سوق عكاظ ونحر ناقته له، فقال الأعشى قصيدة يمدحه فيها ومنها قوله:
لعمـــري لقد لاحت عيــــون كثيرة ... إلى ضوء نـار باليـفـــاع تحّرق
تشــــب لمقـــرورين يصطليـــانها ... وبـات على النــار الندى والمحلّــق
رضيعــــي لبان ثدي أم تقاســـــا ... بأسحـــــم داج عوض لا تتفرق
ترى الجــــود يجري ظاهراً فوق وجهــه ... كما زان متن الهنــــدواني رونـق
وشاعت تلك القصيدة بين العرب، فما أتت على المحلق سنة حتى زوّج جميع بناته، وقد قيل بأن كل واحدة منهن زوجت على مائة ناقة، فأيسر وشرف وذاع صيته بسبب هذه القصيدة.

القرآن الكريم الوسيلة الإعلامية المتجددة

تمثلت الطريقة الربانية في بعث الأنبياء والمرسلين بأن تكون مؤيدة بالمعجزات؛ بقصد تأكيد أن ما جاءوا به من عند الله، وكانت تلك المعجزات قريبة من حياة المجتمع وما ألفه الناس، ففي المملكة الفرعونية كان السحر شائعاً جداً وكان شكل من أشكال ثقافة المصريين ذلك الحين؛ ولهذا فقد بعث الله موسى عليه السلام، ومعه العصا التي تتحول إلى حيه تتلوى كأنها الجان، وتتميز عما سواها بقدرتها على التأثير المادي وهذا مكمن الإعجاز. كما كانت معجزة عيسى عليه السلام متمثلة في الطب وهو أبرز أوجه الثقافة في الأمبراطورية الرومانية ذلك الحين، إلا أن الإعجاز في تلك المعجزة تمثل في قدرة صاحبها على إعادة الحياة لمن فقدها، ومنح الحياة لجمادات يخلق عيسى عليه السلام بيده {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}5 وحين بعث محمد عليه السلام كانت معجزته القرآن وهو موضوع حديثي في هذه الأسطر، حيث أن القرآن أتى شبيها بكلام العرب إلا أنهم عجزوا عن توصيفه فلا هو بالنثر ولا هو بالشعر، وتفوق على إعلامهم بقدرته على سرد تفاصيل حدثت في الماضي، وبث أخبار المستقبل، منها ما رأوه ومنها ما لم يروه تحدث القرآن الكريم عن أمور بشكل دقيق جداً لم يتمكن الناس من فهم بعضه إلا بعد النهضة العلمية التي واكبت الثورة الصناعية، والأجمل أن هناك أسرار كثيرة ما زالت لم تكتشف حتى الآن، كما تميز القرآن عن غيره بالصدقية القاطعة فكل ما جاء في طياته حقائق لا تقبل الجدل تنقض ما يختلف معها وتؤيد ما اتفق، ولهذا لم يكن لدى المتمسكون بتعاليمه أي شك في كذب الدراسات والنظريات المخالفة، كنظرية داروين، أو النظريات المتعلقة بانقراض الجنس البشري، وما سواهما من النظريات والدراسات.

أهمية الوسيلة الإعلامية

كما قلت فالإعلام موجود في المجتمعات القديمة كما هو موجودٌ في المجتمعات الحديثة المتطورة، التي ربما تختلف طريقة تأثرها بالإعلام حسب درجة تقدم المجتمع، وتشير مجموعة دراسات لليونسكو، منها دراسة حول الاستماع إلى المذياع ومشاهدة التلفازأجرها "بول نيورات" Paul Neurath- على برامج الراديو في قرية هندية، ووجد أنه حين كان المستمعون أشخاصا في وضع عادي لم تمارس هذه البرامج أي تأثير, ولكن حينما نظمت جماعات الاستماع وأديرت مناقشات حول البرامج بعد إذاعتها مباشرة أحدثت هذه البرامج تأثيرا كبيرا، واتبع أغلب المستمعون الاقتراحات التي قدمت. وهذا ما توصلت إليه أبحاث أخرى أجريت في فرنسا وفي بلدان أخرى.
كما أن أهمية الإعلام في المجتمعات الحديثة لا تقف عند تأثيره المباشر بل تتعداه إلى التأثير اللاحق بفضل قوة تأثير المتلقين على الجماعة المحيطة بهم وهو ما يسميه دانييل كاتز Daniel Katz الاتصال ذو الخطوتين Tow –steps Flow of Communication وهو ما يعني وجود تأثير من قبل وسائل الإعلام تأتي إلى قادة الرأي Opinion Leaders الذين يمررون- بدورهم- هذه الآثار إلى جماعاتهم أو طبقاتهم. وقد حاولت إحدى دور الصحف أن تتعرف على قرائها فوجدت معظمهم ممن يحتلون وظائف هامة كأصحاب البنوك، والمحامين ورجال الأعمال والصناعة، وقد كان هؤلاء يمارسون تأثيرا على قرارات الآخرين سواء بضربهم المثل أو إعطاء النصح، أو إسداء المشورة، وانتهت هذه الدار من ذلك إلى أن إرسالها لا يتوقف عند قرائها فقط وإنما هؤلاء القراء ما هم إلا محطة تجديد وإعادة توجيه لهذه الرسائل، وهذا ما أريد أن أصل إليه في هذا المبحث حين أتحدث عن أهمية الإعلام بالنسبة للفئات المنتفعة والموجهة له سواء كانت جهات خارجية، أو أعضاء في تنظيمات إرهابية، أو حتى ملاك لوسائل إعلامية لهم أهدافهم الخاصة ويقين كل طرفٍ مما سلف ذكرهم أنه ليس بالضرورة أن يستمع أو أن يقرأ كافة أطياف المجتمع رسائلهم ولكنهم يسعون إلى تنويع الوسيلة الإعلامية قدر المستطاع لتصل إلى فئات مختلفة تعتنق الفكرة المراد تمريرها ثم تقوم بدعمها من خلال مؤازرتها مادياً ومعنوياً بالإضافة إلى نشرها لكسب أعضاء جدد.

المبحث الثالث: المستجدات التقنية والفضائية الحديثة

أصبحت الوسيلة التقنية المستخدمة في إيصال المعلومة متوفرة في كل مكان، وتقوم ببث رسائل تحمل في مضامينها رسائل إيجابية وأخرى سلبية ليس من السهولة السيطرة، حتى وإن تسنى ذلك لبعض الأفراد أو الأسر من خلال المنع إلا ان الخطورة من إساءة استغلالها تبقى على درجة عالية جداً ويمكن أن تؤثر نفس العوامل محل البحث في كيفية استخدام هذه الوسائل من حيث الإيجاب والسلب ولعلي أتحدث عن أهم الوسائل المؤثرة أو لنقل المسببة للفراغ الفكري لدى المجتمعات بشكل عام والمجتمعات العربية بشكلٍ خاص والتي تتمثلت بالقنوات الفضائية بالإضافة إلى الوسائل التقنية الإعلامية الأخرى (الهاتف الجوال، الإنترنت، وسائل التخزين الصوتية والمرئية المختلفة، الألعاب الإلكترونية) والتي لا يسع المجال للحديث عن كلٍ منها بشكل مفصل خاصة فيما يتعلق بدورها في الإخلال بالأمن، أما في هذا المبحث فسأركز على الدور الذي تلعبه الفضائيات والإنترنت في تسطيح عقول الشباب، مما يتسبب في تهيئة المجتمعات لاستقبال ما يبث والانقياد له، ومن المعلوم أن ما يبث من مواد إعلامية ضارة هو أحد الأسباب الرئيسية لانحراف الشباب وارتكابهم المحاذير الأمنية المختلفة، وحين نتحدث عن الإعلام وحتى الإعلام الجديد فيجب أن نشير إلى القنوات الفضائية فهي في نظري جزء من الإعلام الجديد لا ينفك عنه.

القنوات الفضائية

من باب العلم بالشيء أن الأطباق الفضائية المثبتة على أسطح المنازل يمكن أن تستقبل آلاف المحطات الفضائية من جميع أقطار الدنيا، منها أكثر من سبعمائة قناة عربية وعلى الرغم من أن هذا الرقم يعد ضخماً بلغة المنطق لدرجة يعجز معها المشاهد عن متابعة جميع القنوات، إلا أن المشاهد العربي والسعودي تحديد غالباً لا يلتفت لمعظم تلك القنوات، حيث يتابع 26% من الشباب القنوات الرياضية، مقابل 25% يتابعون قنوات الأفلام، و17% للقنوات الغنائية استناداً لما أظهرته دراسة مسحية11 دعمتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية شملت 1235 شاباً تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة والتي كانت تهدف إلى قياس التصورات الذاتية لتأثير البث الفضائي على منظومة القيم الدينية والاجتماعية والانتماء الوطني، كما هدفت إلى قياس التصورات الذاتية لتأثير البث الفضائي على انحراف الأحداث، وقياس تصورات النشء لدور المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية، وإثبات دور الأسرة في دعم إيجابيات البث الفضائي وتحييد سلبياته.
ولو أمعنا النظر في تلك الدراسة لوجدنا أن مجموع الشباب ممن يتابعون القنوات التي لا تقدم ما يحتاجه الشباب لإشباع الجانب المعرفي لديهم يتجاوز 68% وهذا مؤشر خطير يدل على أن هذه النسبة من الشباب وإن نأوا بأنفسهم عمّا يقدم من مواد هابطة في قنوات الأفلام والقنوات الغنائية الهابطة، إلا أن ثقافة من يتابع القنوات الرياضية وهم 26% ستبقى ضحلة جداً وذلك عائدٌ إلى أن تلك القنوات لا تقدم المعلومة الإثرائية التي يحتاجها الشاب في هذا العمر، خاصة وأن بعض من شملتهم الدراسة كانوا يفضلون مشاهدة مباريات قديمة سبق أن شاهدوها على مشاهدة برامج أخرى.
ويجدر بنا أن لا ننسى بأن تلك القنوات قد صرفت الشاب العربي عن القراءة والإطلاع من خلال ما تقدمه من برامج مسلية وجذابة ومتنوعة في معظمهما وبالطبع فهي تهدف إلى التسلية والترويح واللهو بغرض استقطاب أكبر شريحة ممكنة من الجماهير، بل إن إحدى الدراسات تشير إلى أن نسبة البرامج الترفيهة المستوردة في معظم القنوات العربية تصل إلى 88% بينما لا تستورد تلك القنوات سوى 12% من البرامج الثقافية . وهنا يتضح الدور المشترك الذي جذّر ثقافة التسلية والسطحية لدى معظم المتلقين العرب، وتسبب في ضحالة الفكر لدى كثيرٍ منهم ولعلي أوجز ما أقول في نقطتين بغرض جعل الفكرة أكثر وضوحاً:-
  1. أن القائمين على الفضائيات والقنوات التلفزيونية العربية قد استمرأوا سياسة بث المادة الهشة بقصد استقطاب المشاهدين دون النظر أو الالتفات إلى المصلحة العامة، مع أنه يفترض أنهم على درجة من الوعي والإدراك بأن تلك المواد سوف تخرج أجيالاً لديها ثقافة سطحية جداً وليس لديها من مقومات النهوض بمستقبل الأمة ولا النزر اليسير، ولا أدل على ذلك من طبيعة المواد التي يتم بثها خاصة أوقات الذروة حيث نلاحظ أنه كلما زادت أهمية ساعة البث بسبب زيادة أعداد المشاهدين وهي في الدول العربية الفترة المسائية كما تشير إلى ذلك الدراسات ومنها الدراسة الدكتور الثمالي، كلما كانت المادة هشة وضعيفة المحتوى ولعلنا نتذكر جميعاً أن ساعة الذروة في التلفزيون السعودي والتي عادة ما تكون بعد نشرة أخبار المساء الرئيسية كانت تخصص لتقديم المسلسلات التي أرى من وجهة نظري أنها هابطة ولا تعالج هموم ومشاكل المجتمع بل رسخت ثقافات دخيلة ما كانت مجتمعاتنا تعاني منها وعلى رأسها حساسيات النساء المبالغ بها تجاه تعدد الزوجات، وقصص الحب والغرام المفتعلة، والخوف والرهبة من الامتحانات الدراسية، بالإضافة إلى تقديم مرتكبي جرائم المخدرات، والرشوة، والاختلاس بطرق محسنة ربما أسهمت في تقبل بعضنا لمرتكبي تلك الجرائم على أرض الواقع وقد تكون ساعدت أخرين على القيام بتقمص أدوار بعض المجرمين في تلك المسلسلات وتطبيقها على أرض الواقع وهذا ما تؤكده نظرية الغرس الثقافي cultivation theory لجورج غيربنر George Gerbner ولاري غروس Larry Gross اللذان قاما بدراسة مدى تأثير وسائل الإعلام على المتلقين، وسبب القيام بتلك الدراسة يعود إلى تفشي مظاهر العنف والجريمة والاغتيالات في المجتمع الأمريكي في الستينات والسبعينات من القرن الميلاد المنصرم، وقد توصل الباحثان إلى أن مداومة التعرض للتلفزيون ولمدة طويلة ومنتظمة تنمي لدى المشاهد اعتقادا بأن العالم الذي يراه على شاشة التلفزيون إن هو إلا صورة من العالم الواقعي الذي يحياه، وأن المشاهد بحكم التصاقه ببرامجه يصدق هذا الواقع ويتعامل معه باعتباره حقيقة.
  1. أن كثيراً من تلك الفضائيات عملت على توصيل رسائل هامشية وتافهة ذات مضمون يكرس رؤى الوافد الأجنبي في العديد من المجالات الاجتماعية والدينية الحيوية ومنها: التغريب والازدراء بالقيم والعادات والتقاليد، ومحاولات تسطيح الوعي عند الشباب وشغله بأمور ثانوية، وخلق حاجيات اتصالية وإعلامية بعيدة كل البعد عن الاحتياجات والانشغالات الإنسانية لديه من قبيل الفن الهابط، والحب المحرم، والاستهلاك اللامحدود واللامشروط، والاهتمام بتوافه الأشياء وعوارضها .

الإنترنت:

يعد الأمريكي جون بيري بارلو من أوائل من استخد الإنترنت في العالم وكان يكتب في الصحف بصفة مستمرة مرغباً القراء بتجربة هذا العالم الفضائي الشاسع الذي لا حدود له ومن ضمن ما كتبه في بداية التسعينات الميلادية مقالة في مجلة وايرد Wired مما جاء فيها قوله: "تخيل اكتشاف قارة شاسعة لدرجة أن أبعادها ربما تكون بلا نهاية. تخيل عالماً جديداً لديه من الموارد أكثر مما يمكننا استهلاكه، وفرص أكثر مما يمكننا استغلالها، ونوعية فريدة من العقارات التي تتسع وتزيد كلما تملكناها، وتخيل مكاناً لا توجد فيه آثاراً للمعتدين؛ مكاناً تسرق فيه البضائع مرات لا نهائية مع بقائها في حوزة مالكها الأصلي، تخيل مكاناً توجد فيه أعمالاً لم تسمع عنها أبداً، مكاناً يشعر فيه الأطفال بأنهم في بيوتهم، مكاناً ترتبط فيه الفيزياء بالفكر أكثر من ارتباطها بالأشياء".7
ومع تلك الدعوات المباشرة وغير المباشرة من ملايين الناس ممن سحرتهم الإنترنت تزايد استخدام الإنترنت بشكلٍ كبير وتضاعف أعداد المشتركين في هذه الخدمة سنوياً لدرجة تفوق الوصف حيث تشير إحدى الإحصائيات إلى أن مستخدمي الإنترنت حتى نهاية 1431هـ (2010م) قد تجاوز ملياري مستخدم.12 فيما يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة حتى نهاية عام 1431هـ (2010م) 11.2 مليون مستخدم وهو ما يمثل 41% من عدد السكان.
السنة عدد المستخدمين
1414هـ(1994م) هيئات طبية وتعليمية
1419هـ(1999م) بداية الاستخدام التجاري (45000) مستخدم
1420هـ(2000م) 200,000
1425هـ(2005م) 2,540,000
1428هـ(2008م) خمسة ملايين
1432هـ(2011م) 13 مليون (نهاية العام)
والحقيقة أن لا شيء على الإطلاق من وسائل نشر الثقافة يمكنه أن يجاري الإنترنت؛ فهذه الوسيلة منذ عرفها المجتمع السعودي عام 1419هـ (1999م) وإقباله عليها وتعلقه بها يزداد يوماً بعد آخر. فمن خلال الإنترنت ظهرت أصوات كانت موجودة وساهمت هذه الوسيلة في إيصال صوتها إلى المجتمع وبدأت وجهة النظر الواحدة تتلاشى بعد أن كانت مسيطرة لعقود طويلة استنكرها الناس في البداية ثم بدأوا يتقبلونها، رغم أن الاختلاف لم يكن جديداً على المجتمع فقد تحدثت عن ذلك كثيراً ولكن الإنترنت رفعت قيود النشر وساهمت في وصول كل خبر صغير أو كبير إلى المجتمع وصار بإمكان كل فرد أن يكون صحفياً ناشراً مثلما هو متلقياً، بل إن بعض الأخبار والمواضيع صارت تنشر ويعاد نشرها في مئات المواقع مما ساعد في عملية اشتراك المجتمع في المعلومة وتداولها بحسب أهميتها، فالتغير الإيجابي هنا أن المجتمع صار بإمكان كل فردٍ منه أن يصير رئيس تحرير ورقيب في نفس الوقت ينشر ما يشاء ويمتنع عن نشر ما يشاء وفي نفس الوقت له الحق الكامل أن يمتنع عن قراءة وسماع ومشاهدة ما يشاء وليس كما كان في السابق حين لم يكن أممك غير قناة ثم صارت قناتين إن أعجبك ما يعرض في إحديهما وإلا أعتزل عن مشاهدة التلفاز ونفس الحال بالنسبة للصحف وبقية وسائل الإعلام الأخرى التي جاءت الإنترنت فشملتها جميعاً كسابقة لم تحدث في أي وسيلة أخرى.
وفي دراسة أجراها مركز أسبار للدراسات والبحوث حول استخدامات السعوديين للإنترنت ذهبت الدراسة إلى أن 68% من مستخدمي الإنترنت ممن شملهم البحث يستخدمونها بغرض الإطلاع على الأخبار.10 وهذا دليل على أن الإنترنت غيرت نظرة المجتمع إلى الوسيلة الإعلامية فبعد أن كان يستمع إلى الإذاعة لتأتيه بالخبر ثم التلفزيون ليأته بالخبر صوتاً وصورة، أما مع الإنترنت فتلاشت ساعات وحتى دقائق الانتظار فما عليك سوى الدخول على ما يسمى بالشيخ غوغل (google) وكتابة ما تريد لتحصل على ما تريد وبالطريقة التي تريد.
يذهب معظم السعوديين إلى القول بأنهم يستخدمون الإنترنت بغرض متابعة الأخبار وهذه الاستبانة تظهر أن 64.7% وبنسبة قريبة منها تظهر الدراسة التي أجراها مركز أسبار، وهذا يؤكد تلهف الناس على متابعة ما يجري وما يستجد، وهو ما لا يتعارض مع تعدد استخدامات الشخص للإنترنت؛ فالشخص قد يستخدم كل المجالات التي أشرت إليها في الرسم البياني، ولكنه يميل إلى واحدٍ منها ويراه الأهم.
ويجب أن نتوقف هنا فالأمر يحتاج إلى تعليق فحين يكون هناك مصدر واحد للتسلية والترفية وإيصال المعلومة مع انتفاء البديل، فهذا يضمن في الغالب أن يسير المجتمع بخط واحد وفق توجه واحد ومحركات ودوافع متشابهة، وإن شذ قلة من المجتمع، فيمكن تهميشهم وإسكات أصواتهم، أما مع تعدد الوسائل الإعلامية ووجود وسيلة سحرية كالإنترنت توصل صوتك إلى أي مكان بسرعة وبسهولة وفوق ذلك دون تكلفة مالية، فهذا يجعل التغير والتباين بين أفراد المجتمع ليس شذوذاً ويبدأ معه المجتمع بأسره تلقي رسائل ومعلومات ينكرها في البداية ثم يألفها ويبدأ يتفاعل معها ويكتشف بعد ذلك أنه كان مغيباً حين كان يستمع لجهة ومصدر واحدٍ يبث إليه نفس الخطاب النمطي القديم، وهذا ما حدث باختصار مع المجتمع السعودي الذي لم يكن أفراده يسمعون غير صوتاً واحداً فقط وبعد الإنترنت تعددت الأصوات وصار لكلٍ الحق في اختيار ما يريد، لدرجة أن بعض الساخطين لم يعودوا يقرأون ولا يسمعون ولا يشاهدون ما يبث عبر الوسائل القديمة؛ حيث يرون أنها تعيدهم إلى عهد ما قبل الإنترنت والفضائيات حين كان كل شيء يملأ إملاءاً لتقرأ وتسمع وتشاهد غصباً عنك أو تبقى أسير الجهل والتغييب وتتلقف ما يروج من إشاعات في المجالس الخاصة.

كيف غيرت الإنترنت المجتمع السعودي؟

قبل أن أدلف إلى الموضوع أرى أن من الأهمية بمكان الإشارة إلى نقطتين:
  • النقطة الأولى: إن الحديث عن الإنترنت متشعب جداً ولا يمكن حصره بأي حالٍ من الأحوال، وحتى لو رغبت في ذكر مختصرات فقط حول ما يتعلق بالإنترنت في المملكة فقط، ما استطعت؛ بسبب الوقت من جهة حيث يحتاج من يسعى لفعل ذلك إلى أشهر من البحث، ثم ما أن ينتهي حتى يجد الكثير من المستجدات التي برزت وتحتاج إلى التطرق إليها؛ فعالم الإنترنت متسارع جداً، كما أن من يرغب في الكتابة عن الإنترنت بشكلٍ شمولي سيحتاج إلى مئات الآلاف من الكلمات التي تستلزم عدة مجلدات لتحتويها؛ ولهذا فأنا أعتذر سلفاً عن عدم التطرق لكل شيء في هذا المبحث الذي هو ركن صغير ضمن فصلٍ في باب مع غيره من الأبواب في بحثٍ (كتاب) حرصت أن لا تزيد صفحاته عن حدٍ لا ينفر قارءه منه بسبب تشعبه وكبر حجمه وربما غلاء سعره.
  • النقطة الثانية: أن ليس هناك تقنية ولا وسيلة أثرت في المجتمع السعودي وحتى في معظم المجتمعات البشرية أكثر من الإنترنت التي كان لها أثرٌ عظيم في تغير المجتمع السعودي وكشف كل جزئياته لمن يريد دون الحاجة لتكبد كثير مشقة فما على الباحث أو المتابع أياً كان سوى دخول الإنترنت ليجد أطيافاً متنوعة من المجتمع السعودي كلٌ يتحدث بما يتوافق مع رغباته وأهواءه دون أي تحرج، أما من يجد الحرج فبإمكانه التخفي وقول ما يشاء فالمجال متاح للجميع، ولكي لا أتجنب التشتت سوف أقوم بعرض أبرز أدوات الإنترنت التي كان لها دورٌ فاعل في تغيير ملامح وجه المجتمع السعودي وهي: المنتديات الحوارية، والشبكات الاجتماعية التي رغم حداثتها إلا أنها استقطبت أعداداً هائلة من مستخدمي الإنترنت بمختلف أنحاء العالم.
والحقيقة أن الإنترنت ليس تلك الشبكات الاجتماعية والمنتديات الحوارية، فحسب بل هنا البريد الرقمي، والمواقع المتنوعة والمتخصصة، وغرف المحادثة "الدردشة"، وغيرها كثير والمستخدمة في المملكة. كانت أعمارهم 39.8% بين (36-45)، مقابل 32% لمن أعمارهم تراوحت بين (26-35) و17% بين (46-55) و4% أكثر من 56 عام و0.4% لمن هم دون الـ15 عام.
بحسب الاستبانة أجريتها عام 1432هـ (2011م) شملت (1884) مستخدماً، نسبة السعوديين منهم 95.9% والمقيمين 3% يتصفح 93.9% منهم الإنترنت بشكلٍ يومي لا تقل عدد الساعات التي يمضيها 92.9% منهم عن ساعتين وقد تمتد إلى أربع ساعات فأكثر لدى 44.2%. يبحث 64.7% منهم عن الأخبار مقابل 17.3% للترفيه والتسلية، و15.6% للبحث والدراسة، و2.4% علاقات وصداقة.
يعتقد 42% منهم بأن ما يطرح عبر الإنترنت لا يعكس رأي المجتمع السعودي، وإن حدث فلن يمثل سوى 10% أو أقل بينما يخالفهم 21.2% حيث يرون أن ما يطرح على مواقع الإنترنت المختلفة يعكس الرأي العام للمجتمع بنسبة لا تقل عن 80% أما 36.8% فيقفون في المنتصف بين الفريقين حيث يرون أن ما يطرح عبر صفحات الإنترنت يمثل حوالي 50% من الرأي العام للمجتمع السعودي.

منتديات الإنترنت الحوارية

الحقيقة التي يجب بيانها هنا أن مشكلة الإنترنت وعوالمها الافتراضية تصور لك بعض الأمور والقضايا والحوادث والمستجدات الاجتماعية والسياسية بطريقة معينة فيها الكثير من المبالغة التي لا تكتشفها إلا حين تخرج إلى الشارع وتتحدث مع آخرين في المجالس الخاصة والعامة خاصة في المناسبات لتكتشف ضآلة القضية التي يجري تداولها عبر صفحات الإنترنت؛ وهذا أظنه يعود في المقام الأول إلى أمرين:
  • الأمر الأول: التكلات الحزبية والشللية التي يقوم بها بعض مستخدمي الإنترنت فيضخمون حادثة بغرض التأثير على الرأي العام؛ ظناً منهم أن ذلك سوف يصل إلى صنّاع القرار؛ فيبنون عليه ما سعوا إلى ترويجه وتضخيمه وبيان أهميته أو ضرره بحسب الموضوع، وهذا لا أذكر بأنه حدث؛ خاصة وأن بعض الجهات الرسمية تتابع الإنترنت من باب الاستئناس بما يطرح ومعرفة توجه أطراف معينة تجاه موضوع بعينه، ولكن وحسب علمي فهم لا يبنون قراراتهم على ما يصوره مستخدموا الإنترنت وعلى الأخص في المنتديات التي حظيت في العقد الماضي (1421هـ 1430هـ ) (2000م-2009م) بإقبال مجتمعي رهيب وكان المشاركين يمثلون كافة شرائح المجتمع وكان كثيرٌ مما يعد جديداً من أخبارٍ ومعلومات وحوادث تسبق به المنتديات بقية الوسائل الإعلامية الأخرى، وإن كان أحياناً طبيعة ما يطرح لا يمكن أرباب تلك الوسائل من طرحه، فيلجأ بعضهم إلى طرحه من خلال تلك المنتديات وغيرها.
  • الأمر الثاني: إضافة إلى وجود تكتلات وتحزبات لإبراز قضية بعينها، وهذا وإن كان فيه من السلبية والخداع الشيء الكثير، إلا أنه يهون إذا ما قورن بقيام بعض المشاركين في تلك المنتديات باستخدام عدة معرفات (أسماء) وطرح مواضيعه والتعليق عليها والإشادة بها فينخدع كثيرون بما يطرح ويظنون أن هناك توجه مجتمعي وميل نحو هذا الموضوع.
يعتقد المؤلف بأن مسألة النشر على الإنترنت يمكن أن تعكس الرأي العام في المجتمع السعودي في بعض القضايا بنسبة تمكنك من اتخاذ خطوات أو إجراءات تناسب تلك الآراء، ولكن في بعض القضايا لا يمكن أن يعتد بما يطرح عبر مواقع ومنتديات الإنترنت فقط، وهذا يعود إلى طبيعة بعض القضايا وخبرة من يرصد ردود الأفعال ومدى معرفته بحقيقة تلك المنتديات ونوعية الكتاب المشاركين بها.
وما تشكله تلك المنتديات من أهمية في العقد الماضي كان كبيراً ولا يمكن تجاهله خاصة من أبناء هذا المجتمع لدرجة أن أحد المنتديات المنتمية لإحدى دول مجلس التعاون الخليجي كان معظم المشاركين فيه من هذه البلاد وكان ينشر من خلاله أخباراً متنوعة وجديده، لدرجة أن كثيرين حين كانوا يبحثون عن خبر أو معلومة أو يريدون التحقق من إشاعة تفشت في مناسبة كانوا يدلفون مباشرة لذلك الموقع، حتى صار الموقع الحواري الأول عربياً واحتل مرتبة متقدمة بين مواقع الإنترنت عالمياً فصار ضمن أفضل (300) موقع زيارة وتصفح.
إلا أن تمادي مشرفي الموقع بعلم صاحبه في نشر بعض ما يسيء لهذه البلاد وولاة أمرها وما يطرح من مواد ومشاركات وأخبار وإشاعات تحرض على الفتن وتنال من هذه البلاد كل ذلك اضطر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لتقوم بحجب ذلك الموقع وهذا القرار قوبل في البداية بنوعٍ من الاستهجان من قبل ارباب ذلك المنتدى بحجة أن آلية الحجب غير مجدية ولن تفيد كما أنها لن تعيق متصفحي الموقع من إيجاد عشرات الوسائل لتخطي الحجب والدخول للمنتدى، إلا أن لم توقعاتهم خابت وجلبت عليهم خسائر كبير تسببت بتقهر المنتدى وتراجعه وخسارته لمعظم زواره لدرجه أن ترتيبه عالمياً تراجع إلى فوق (41ألف) بعد أن كان ضمن أفضل (300) موقع أما في المملكة فبعد أن كان ضمن أفضل (5) مواقع تقهقر لما بعد الستة آلاف.
والحقيقة أن المنتديات كأماكن لتجمع مستخدمي الإنترنت بمختلف أطيافهم ومشاربهم يعد حالة تذهلك حين تتأملها ولك أن تتخيل طرحك لموضوع يقرأه عشرون أو ثلاثون ألف في دقائق كلهم مجتمعون في نفس المنتدى بغرض تبادل الرأي والتشاور ومطالعة ما يطرح من مستجدات والتعليق عليها.
وتتنوع تلك المنتديات ما بين منتديات اجتماعية وسياسية وتعليمية ورياضية وتقنية وغيرها الكثير، كما أنها كانت من أهم أساليب التواصل ونشر المعلومات التي استخدمتها الفئات الضالة لأغراض نشر فكرهم، فكان لهم أعداد كبيرة من المنتديات الموجهة إلى المجتمعات العربية وعلى الأخص المجتمع السعودي، إلا أن تظافر الجهود وتوعية المجتمع حدّا كثيراً من تأثير تلك المنتديات التي ما زال القائمون عليها إلى يومنا هذا كلما تم إغلاق موقعٍ أو منتدى لهم استحدثوا آخر، ولكن من الواضح أن عمليات الرقابة الجادة التي قامت بها السلطات السعودية أثمرت بشكلٍ كبير وحدت من أعداد تلك المنتديات لدرجة أضطر معها معظم أصحابها إلى إغلاقها ومنع الدخول إليها إلا باسم مستخدم وكلمة مرور خاصة بكل عضو، وهذا وإن كان ظاهره سلبي، إلا أنه في حقيقته كفى المجتمع من كثيرٍ من شرورهم وموادهم التحريضية المنشورة في تلك المنتديات التي لا تقف عند حدٍ معين بدءاً بالدعوى إلى الانضمام إليهم، مروراً بفتاوى التكفير المتنوعة الصادرة عن منظريهم، إلى نشر دروس في كيفية عمل القنابل والأحزمة الناسفة لمن أراد إهلاك من يختلف معه.

الشبكات الاجتماعية

الشبكات الاجتماعية عبارة عن مواقع رقمية على الإنترنت تتيح للمشتركين بها إنشاء صفحات خاصة بهم يشتركون من خلالها مع آخرين بمواد متنوعة نصية، وسمعية، ومرئية، وأشياء مختلفة.
كان أول ظهور للمواقع الاجتماعية عام 1415هـ (1995م) حيث ظهر موقع Classmates.com ثم تلاه موقع SixDegrees.com اعتمدت هذه المواقع على فتح صفحات شخصية للمستخدمين وعلى إرسال رسائل لمجموعة من الأصدقاء، ولكن تم إغلاقها؛ لأنها لم تأتي بأرباح لمالكيها.
بعد عدة سنوات تم إنشاء العديد من المواقع التي انتشرت انتشارا واسعا في العالم وجمعت الملايين من المستخدمين وكان من الواضح أن تلك الشبكات الاجتماعية قد أحدثت تغيّيراً كبيراً في كيفية الاتصال و المشاركة بين الأشخاص و المجتمعات و تبادل المعلومات .
والمواقع الاجتماعية كثيرة جداً ولكن يأتي موقعي الفيس بوك (facebook) والتويتر (twitter) كأبرز تلك المواقع على مستوى العالم وقد زاد الإقبال عليهما بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة رغم حداثة تأسيسهما، حيث تأسس الأول عام 1424هـ (2003م) وقد أثير الكثير من الجدل حول الموقع على مدار الأعوام القليلة الماضية لدرجة أن بعض البلدان قامت بحجبه عن مواطنيها كسوريا وإيران وكما حدث في تونس وباكستان. وقد تزايدت شعبية الموقع ليحتل المركز الثاني على مستوى العالم بعد غوغل كما يحتل المرتبة الثالثة في المملكة ويضم أكثر من نصف مليار مستخدم، ثلاثة ملايين منهم من المواطنين والمقيمين في هذه البلاد النسبة العظمى منهم من الشباب.
وبالنسبة لموقع التويتر فهو موقع بدأ يلفت الأنظار إليه بشكلٍ أكبر في الآونة الأخيرة وصعدت نسب الإقبال عليه بشكلٍ كبير حيث يحتل المرتبة التاسعة عالمياً، إلا أن شعبيته في المملكة ليست كشعبية سابقه حيث يحتل المرتبة الثالثة والعشرين ورغم أن الموقع يشير إلى أن عدد مستخدميه يزيد على (170) مليون مستخدم في أنحاء العالم إلا أنه يرفض الإفصاح عن أعداد مستخدميه في المملكة، لكنه يشير إلى أن نسبة نمو أعضاءه هناك ارتفعت بشكلٍ كبير خلال الأشهر الماضية 240% ويعتقد بأن هذه النسبة قد زادت خاصة بعد الأحداث الأخيرة المتعلقة بالثورات العربية.

مواقع الشبكات الاجتماعية

(الفيس بوك، والتويتر، واليوتيوب) تحظى هذه المواقع بأهمية خاصة في المجتمعات العربية ولها حظوة وتأثيرات واسعة جداً، لدرجة صارت المواقع الأولى تقريباً بلا منازع في معظم البلدان العربية وقد قمت بإحصائية حول ذلك حيث اتضح أنها تحتل المراكز الأولى في معظم البلدان والجدول التالي يوضح ترتيب تلك المواقع من حيث كثرة الزيارات عليه في العالم العربي، وهذا يثبت أهمية تلك المواقع ودورها في التأثير على المجتمعات العربية خاصة الفيس بوك واليوتيوب؛ فهما يحتلان المرتبتين الأولى والثانية في معظم البلدان العربية، ويتجاوز مستخدمي الأول في البلدان العربية (24) مليون مستخدم، ولهذا فأجد نفسي مضطراً لألقي الضوء على الفيس بوك وتأثيراته السلبية المتعددة، خاصة وأن هناك شكوك تطرح تشير إلى تدخل جهات خارجية في تسييره وتوجيه آراء الشباب في قضايا سياسية ومجتمعية محددة لتجاري وتخدم أهداف تلك الجهات الدخيلة المتغلغلة.

استخدامات الفيس بوك والتويتر في المملكة

تتنوع استخدمات الفيس بوك والتويتر في المملكة وإن كان معظمهم يستخدمه بغرض تبادل المعلومات مع الأصدقاء وأغراض ترفيهية أخرى، وتتنوع الشرائح التي تستخدمه فهناك صفحات لوزراء كوزيري الإعلام والعدل، ومشائخ كالعودة والقرني، وإعلاميين كتركي الدخيل ومعارضين كالفقيه، وغيرهم كثر جميعهم يستخدم تلك الوسيلة بغرض الوصول إلى أكبر شريحة من الناس ليسمعوهم رسائلهم وما يودون قوله، أو مشاركتهم بعض المعلومات والصور والصوتيات وغيرها مما أعجبهم أو تلك التي هالتهم بحسب طبيعة كل شخص.
وتبث في تلك الشبكات الاجتماعية قضايا منوعة سواء منها ما يخص المرأة وهمومها كما نشاهد عند التصفح وما تذكره كثيرٌ من النسوة ومنهن فاطمة صاحبة إحدى صفحات الفيس بوك التي تقول: بأنها تشعر بالألم والإحباط خارج حدود هذه الشبكة، وهذا ما جعلها ترى أن المكان المناسب لبث همومها المعاشة داخل أسرتها هو هذه الصفحات، التابعة لموقعٍ تحول لدى كثير من السعوديات لمكان تدون فيه المشاعر المكبوتة التي لا يستطعن أن يعبرن عنها أمام الرجال في أسرهن. أو ما يتعلق بالترويج عن السلع كما تفعل من تعرف بأم غالب، وهي سعودية في عقدها الرابع، تستخدم الفيس بوك، والتويتر، للترويج عن منتج لا يصنعه غيرها. حيث تذكر بأنها ومنذ أكثر من أسبوعين، لم تذق طعم الراحة، قبل انطلاق مهرجان سنوي في منطقتها الجوف، استغلته للتسويق لصابون بات ذا شهرة في منطقتها والمناطق القريبة، بروائح خاصة وتركيبات لا تملكها إلا هي .
وبالمناسبة فرغم أن أشياء كثيرة تغيرت في هذه البلاد إلا أن تبني تلك المنتجات اليدوية التي تنتجها سواعد أبناء وبنات هذه البلاد ما يزال على حاله لم تطله يد التغيير؛ فدعم المتكر أو المنتج الوطني بقي على حاله بعيداً جداً عن هموم معظم التجار السعوديين على الرغم من أن كثيراً من تلك المنتجات أثبتت جودتها العالية وصار لها زبائن يبحثون عنها رغم ضعف الوسيلة الترويجية لها، وأم غالب التي استطاعت أن توصل نفسها لما خلف أسوار الجوف بواسطة الفيس بوك يمكن أن يصل منتجها إلى ما وراء البحار لو وجدت من يتبنى أفكارها ومنتجها الذي أجبر من اقتناه على التزود منه والترويج له بين معارفه واصحابه.
أما بالنسبة لاستخدام تلك الشبكات بغرض الدعوة فحدث ولا حرج حيث زرت مواقع كثير من الدعاة والمشائخ والمكاتب الدعوية والجمعيات الخيرية وكل ما له علاقة بنشر الإسلام والدعوة إلى الله ولن أسمي هنا ولكن إن أردت فما عليك سوى الدخول إلى موقعالفيس بوك [/http://www.facebook.com] أو التويتر [/http://www.twitter.com] وكتابة اسم من ترغب من الأشخاص المشتغلين بهذا المجال وستجد أن لمعظمهم موقعاً خاصاً به إما أنشأه بنفسه ويتابعه ويشرف عليه بشكلٍ مباشر، أو أن هناك من أسس الصفحة من طلابه ويقوم بنشر كل ما يتعلق به في تلك الصفحات بالتزامن أحياناً مع ما ينشر في الموقع الخاص بالشيخ أو الداعية.
والحقيقة أن ما يميز الشبكات الاجتماعية عن غيرها ثلاثة أمور لعلي أوجزها هنا:
  • أولها: أنها تمكن الشخص من الوصول إلى متصفحي ومرتادي الإنترنت في كل مكان في هذه المعمورة بسرعة وسهولة.
  • ثانيها: أنها لا تكلف الشخص أي مبالغ مالية لإنشاء صفحة خاصة به.
  • ثالثها: وهو الأهم من ذلك كله أنها لا تحتاج لأي خبرة فنية عند التاسيس أو الحماية اليومية والتحصين التي يحتاجها الموقع الخاص.
وبالطبع فلكل وسيلة تقنية مزايا قد تصل لدرجة العجز عن حصرها كما هو الحال مع الإنترنت وشبكاتها الاجتماعية، ولكن بالمقابل لها سلبيات يجب الحذر منها خاصة بالنسبة لمجتمعٍ محافظ كمجتمعنا الذي يتجاوز عدد مستخدمات الشبكات الاجتماعية فيه المليون من إجمالي ثلاثة ملايين على الأقل يستخدمون تلك الشبكات، ـ فعلى سبيل المثال فإن 86% من طالبات جامعة الأمير سلطان أفدن بأنهن يستخدمن الشبكات الاجتماعية ـ وتكمن المشكلة تحديداً في أمور يمكن إيجازها بنقاط لعلي أكتفي منها باثنتين أبدأ بالجانب الأهم بالنسبة لكثيرين وهو المتعلق بالأسرة والمرأة: فحين تضيف صديقك لا يكتفي الموقع بإضافته فقط، بل يعرض له قائمة بأصدقائك لينتقي منهم من يريد للتواصل معه، ورغم وجود بعض الإعدادات التي تساعد في المحافظة على شيء من الخصوصية إلا أن أعداداً كبيرة من المستخدمين خاصة حديثي العهد بالفيس بوك لا تعلم عنها شيئاً، ولهذا فهم عرضة للمتطفلين للاطلاع على كل ما يدور بين بعض المشتركين خاصة في المجالس النسوية التي انتفت أو تلاشت كثيرٌ من خصوصيتها بسبب العوالم الافتراضية، فلم تعد هناك تلك التحصينات، بل إني لا أبالغ أن كثيراً من العادات السيئة التي كنا نعاني منها في الأسواق مما يسمى بالمعاكسات تناقصت بشكلٍ كبير؛ بسبب تمكن الشباب من التواصل بالفتيات عبر تلك الشبكات الاجتماعية في ضل غفلة الرقيب الأسري على الأغلب، ويؤكد ذلك دراسة أجريت عام 1429هـ (2008م)8 أشار من خلالها 62% من الآباء والأمهات أنهم لا يعلمون أي شيء عن المواقع التي يزورها أبنائهم .
والإشكال أن كثيراً من أصحاب النوايا والغايات السيئة ممن يتصيدون النساء والأحداث من صغار السن، يشتركون في تلك المواقع بغرض الإيقاع بضحايهم، وقد وجه المدعي العام في نيويورك بتاريخ 13/9/1428هـ الموافق 24/9/2007م مذكرة استدعاء لمسؤولين في "فيس بوك"، وقال في خطاب للشبكة ان فحصا اوليا اوضح وجود اوجه قصور في الحماية التي يتمتع بها مستخدمو الشبكة، خاصة صغار السن. وقد قام احد المحققين بالتظاهر بانه شاب صغير السن ودخل على موقع للشبكة فتعرض لملاحقة جنسية من قبل بعض المستخدمين. كما قال المدعي العام لولاية كونيتيكت ريتشارد بلومينثال لوكالة رويترز للانباء ان مكتبه وجد ثلاثة من المدانين بجرائم جنسية ضمن شبكة مستخدمي فيس بوك، وإنه يتوجب على الشبكة القيام بالكثير من الخطوات قبل ان يشعر بالرضى الكامل تجاهها على حد وصفه.13
ولكن على الجانب الآخر فهذه المواقع ربما تكون سلبية على بعض العابثين؛ حيث أن هناك بعض الشركات وبعض العوائل صارت تستند إلى معلومات من موقع الفيس بوك وتبني عليها قرارات تمس الشخص سواء في قبوله عند التقدم لوظيفة أو الموافقة عليه كزوج لابنتهم.
كما أن هناك تقارير تحدثت حول ما يتعلق بالخصوصية الشخصية وعن قيام فيس بوك بتطوير نظام يسمح للمعلنين باستخدام المعلومات التي يقدمها مستخدمو الشبكة عن انفسهم، وهو ما ينفيه زوكربرج، ولكن الأكيد أن اتفاقية الاشتراك في فيس بوك تنص على أن المستخدم يمكنه في أي وقت الغاء حسابه في الموقع، ولكن نسخاً من الصور وتسجيلات الفيديو وكل مافي الحساب تبقى محفوظة لدى خوادم الشركة ويمكن للشركة التصرف بها كيفما تشاء، ولهذا فعلى الجميع الحذر من وضع أشياء خاصة جداً ظناً منهم أن لا أحد يمكنه الاطلاع عليها أو أنها ستتلف بمجرد مسحهم لها.
ويجدر بي أؤكد على أن التعامل مع الشبكات الاجتماعية بحذر مطلب وتسخيرها لغرض الدعوة والتوعية ونشر الثقافة مطلب، ومعرفة ما يدور في صفحاتها وما يبثه ابناء المجتمع من أفكار وما يروجون له من قيم مطلب، وانتفاع الجهات الأمنية المختصة بها لمعرفة ما يدور في اروقتها وما ينشر في صفحاتها مطلب، وقيامهم بإجراء الدراسات اللازمة التي تكفل حفظ أمن وثقافة ومعتقد المجتمع بأسره هو الأخر مطلب. كل تلك المطالب التي لم تستهلك من هذا المبحث غير بضعة أسطر هي في حقيقة الأمر في غاية الأهمية.

المبحث الرابع: أشكال المخاطر الأمنية المتأتية عن الإعلام الجديد

مخاطر وسلبيات الإعلام الرقمي

  • أولاً: مخاطر متعلقة بالفكر الإرهابي ونشر ثقافة العنف:
بعد أن كان أرباب التنظيمات الضالة يركزون أنشطتهم في العوالم المادية ويبحثون عمن يتعاطف معهم في المساجد والمدارس والأحياء وغيرها، كما في المناسبات والفعاليات المختلفة والرحلات الصيفية، وبسبب صعوبة التجنيد من خلال تلك الأماكن وخطورته وقلة جدواه في نفس الوقت، ومع ظهور الإنترنت كأداة إعلامية متنوعة الوسائل سهلة الاستخدام، ورخيصة التكلفة، تساعد على التخفي، وفي نفس الوقت تصل إلى المستهدفين في كل مكان. كل ذلك شجع التنظيمات الضالة إلى نقل عملياتهم إلى العوالم الافتراضية، وما أكد ذلك تصريح الرجل الأول في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، حين أشار قبل سنوات بأن الحرب إعلامية، ليقينه أن المواجهات الميدانية خاسرة بالنسبة لتلك التنظيمات وأودت بحياة كثيرٍ من نخبة أعضائها ومنهم متخصصن في مجالات تقنية.
وبالطبع فقبل ذلك كان للقاعدة حضوراً قوياً على صفحات الإنترنت حيث أن أحد أقدم النوافذ الإعلامية الخاصة بتلك التنظيمات كان قد تم تدشينه عام 1420هـ (1999م) تحت مسمى شبكة عزف الرصاص، كواحد ضمن عدة مواقع لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، واستمر يحتضن أعضاء ومتعاطفين ومروجين لتلك الأفكار حتى تم القضاء عليه عام 1425هـ (2004م)، بالإضافة إلى شبكات ومنتديات أخرى (شبكة أبو البخاري الإسلامية)، (منتديات المأسدة الجهادية)، (منتدى الصافنات)، هذه تقريباً نماذج للجيل الأول من إعلام الفئات الضالة.
بالنسبة للجيل الثاني فقد جاء كبديل لتلك المواقع والمنتديات التي تم تدميرها ومن ذلك: (شبكة الاخلاص الاسلامية)، (شبكة الحسبة الإسلامية )، (منتديات الفردوس الجهادية)، (منتدى مداد السيوف)، (شبكة المهاجرون الاسلامية). وغيرها كثير من المنتديات وجميعها تم تدميرها قبل عام 1428هـ (2007م).
تلا تلك المنتديات مجموعة أخرى وهو الجيل الحالي تقريباً أو الجيل الثالث، الذي ما يزال يصارع البقاء رغم أن بعضه قد تم القضاء عليه مثل: (شبكة الفلوجة الإسلامية)، (شبكة شموخ الإسلام)، (شبكة مداد السيوف)، وغيرها كثير من المواقع التي تم تدميرها بالإضافة إلى مواقع ما زالت تصارع من أجل البقاء مثل (شبكة حنين)، (منبر التوحيد والجهاد)، (شبكة التحدي الإسلامية).
وبالطبع فجيل المرحلة الحالية من أعضاء التنظيمات الضالة لم يتوقفوا على تلك المنتديات المتطرفة التي أصابت أصحابها بنوعٍ من اليأس حيث ما أن يتم تأسيس منتدى ويشتهر بين المنتمين لتلك الفئات إلا ويتم اختراقه وتدميره والشواهد كثيرة جداً، ولذلك فقد لجأ أرباب التنظيمات الضالة إلى بث رسائلهم من خلال الشبكات الاجتماعية (الفيس بوك، والتويتر، واليوتيوب) بالإضافة إلى الوسائل الأخرى كغرف الدردشة، والمجموعات البريدية. وقد رصدت عشرات الصفحات على تلك الشبكات الاجتماعية تقوم بنشر موادهم المختلفة، وهي أفضل وأكثر جدوى من المنتديات والمواقع.
  • ثانياً مخاطر متعلقة بإشاعة الفوضى ونشر ثقافة إسقاط الأنظمة:
يجب أن لا نغفل خطورة الشبكات الاجتماعية وخاصة الفيس بوك على الأمن المجتمعي، وما حصل من قلاقل واضطرابات في بعض البلدان العربية كانت تلك الشبكات هي من أشعل فتيله وأجج الشباب، ولا يمكن لأحدٍ أن يجزم بأن ما حدث كان بتدبير ودعم مباشرين من قوى خارجية، ولكن الأكيد أن تلك الشبكات وتحديداً الفيس بوك يتلقى دعماُ مالياً من أجهزة استخباراتية من أجل الاستفادة من قواعد البيانات الموجودة لديهم، وهذا ما يذهب إليه بعض الباحثين الاميركيين الذين اثاروا فرضية احتمال تلقي الموقع دعما ماليا من أجهزة الاستخبارات الأميركية تحديداً؛ من اجل بناء قاعدة بيانات ضخمة للمشتركين الشباب من مختلف دول العالم والاستفادة منها لأغراض استخباراتية، كما أكد بعضهم على ان اتفاقية التسجيل في الموقع كانت تشير سابقاً إلى إمكانية تقصي معلومات عن المشتركين وإتاحة بياناتهم لطرف ثالث وربما يقصد به جهة اخرى لها أغراض غير مصرح بها.
أما ما أوردته وكالة «إنترافاكس»، فهو إن صدق يعد دليلاً قاطعاً لا مراء فيه على أن تلك الشبكات الاجتماعية مسلطة على الشعوب لخدمة أهداف استخباراتية خاصة بدول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث نقلت تلك الوكالة عن رئيس أكاديمية العلوم العسكرية الروسية الجنرال محمود غارييف قوله: «إن الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الآونة الأخيرة ـ يقصد المظاهرات التي حدثت في تونس، مصر، ليبيا مطلع عام 1432هـ (2011م) ـ ناتجة عن تجريب الغرب لأحدث التكنولوجيا الإعلامية التخريبية، وقد تم إنشاء مئات الآلاف من تلك الصفحات في تلك البلدان على مدى سنتين؛ حيث تم تجريبها في البداية في بث دعوات للقيام بأعمال غير منافية للقانون، وحين لوحظ فاعليتها، جرى في اللحظة المناسبة عبر الشبكات كافة توجيه أمر بالقيام بمظاهرات. وكانت هناك خطط دقيقة بخصوص ما يجب فعله وفي أي مكان وفي أية أحياء وميادين، وإلى أين يجب التحرك، كل ذلك كان بدعم كامل من وكالة الأمن القومي الأميركية التي جندت ـ بحسب قول غارييف ـ ما يربو على 16 ألف موظف لمراقبة تلك الشبكات الإلكترونية في كل أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه هددت البلدان المستهدفة بأن أية محاولة للحيلولة دون هذه الأعمال، يعلن على الفور بأنها انتهاك لحرية التعبير وحقوق الإنسان وتفرض مختلف العقوبات».
وفي تقرير نشرته صحيفة الحقيقة الدولية أشار إلى ما قاله: جيرالد نيرو الأستاذ في كلية علم النفس بجامعة بروفانس الفرنسية، وصاحب كتاب مخاطر الانترنت: إن هذه الشبكة الفيس بوك يديرها مختصون نفسانيون إسرائيليون مجندون لاستقطاب شباب العالم الثالث وخصوصا المقيمين في دول الصراع العربي الإسرائيلي إضافة إلى أمريكا الجنوبية. ويشير التقرير إلى أن الشباب العربي كثيراً ما يجد نفسه مضطراً دون أن يشعر للإدلاء بتفاصيل مهمة عن حياته وحياة أفراد أسرته ومعلومات عن وظيفته وأصدقائه والمحيطين به وصور شخصية له ومعلومات يومية تشكل قدراً لا بأس به لأي جهة ترغب في معرفة أدق التفاصيل عن عالم الشباب العربي.
وهذا يمكن جهات أجنبية من الاستفادة من تلك المعلومات والحوارات لمعرفة ما يدور من حراكات فكرية يمكنهم توجيهها بالطريقة التي تخدم مصالحهم، خاصة وأن بعضاً أو كثيراً من مستخدمي الإنترنت ليس بالضرورة أنهم معروفون بشكلٍ مباشر؛ واذكر بأن خالد سعيد الذي كان يحرك الشباب المصري ويوجههم للتجمهر والتظاهر لم يكن أحدٌ يعرفه، ولكنه حظي بقبول شعبي بين الشباب ومستخدمي الفيس بوك تحديداً بسبب أسلوبه وطريقة طرحه، ولن يكون توظيف شخص لديه القدرة على استقطاب الشباب صعباً على جهات متخصصة كالاستخبارات العالمية أياً كانت.
وبعد أقل من أربعة أشهر من نشر ذلك التقرير، نشرت مجلة لوما غازين ديسراييل الفرنسية ملفا واسعا عن هذا الموقع جمعته ـ بحسب قولها ـ عبر مصادر إسرائيلية وصفتها المجلة بـالموثوقة، أكدت خلاله بأنه موقع استخباراتي مهمته تجنيد العملاء والجواسيس لصالح الكيان الصهيوني، ورغم أن أولئك الأشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطيرة؛ حيث يعتقدون بأنهم يقتلون الوقت أمام صفحات الدردشة الفورية واللغو في أمور قد تبدو غير مهمة، وأحيانا تافهة أيضا ولا قيمة لها. وقد افزع الكشف عن هذه المعلومات الحكومة الإسرائيلية، حيث اتهم السفير الإسرائيلي في باريس المجلة اليهودية بأنها «كشفت أسراراً لا يحق لها كشفها للعدو.
  • ثالثاً: مخاطر متعلقة بإثارة النعرات الطائفية والعنصرية:
هناك من يتساهل مع الدور الذي يلعبه الإعلام الجديد في إثارة النعرات القبلية والطائفية، ولكن الحقيقة أن الموضوع خطير جداً ووصل إلى درجة انتقلت معها المناوشات من ساحات القنوات الفضائية الشعبية والعوالم الافتراضية إلى المجالس والأحياء وحتى المدارس حيث يشترك الأطفال في جدالات حول القبيلة وأفعالها وأمجادها التليدة، وبالطبع كل ذلك يدور في ثنايا الشبكات الاجتماعية وغرف الدردشة وخاصة البالتوك، وما يسمع يدمى له الجبين، وفيه خطر شديد على الوحدة والأمن الوطني.
وتشير بعض الإحصائات إلى وجود أكثر من ثلاثة آلاف موقع ومنتدى خاصة بالقبائل، بل ويفاخر بعض المنتمين لتلك القبائل بكثرة المواقع التي تحكي عن قبيلتهم وتنافح عنها وتتغنى بأمجادها وتروج لشيوخها، بل إن بعض القبائل قد وصل عدد المواقع الخاصة بها إلى أكثر من ثلاثمئة موقع.14
وبسبب تفشي تلك النعرات وتسجيل العديد من الحوادث الجنائية المترتبة عليها صدرت تحذيرات عديدة من معظم أمراء المناطق إلى أبناء المنطقة حذروهم من خطورة تلك النعرات، كما وجه أمير منطقة جازان بتشكيل لجنة متخصصة في الشؤون القبلية وما يثير النعرات عبر المواقع الإلكترونية، تضم في عضويتها ممثلين من إدارة التربية والتعليم والشؤون الأمنية والإمارة والجهات القضائية، للنظر في ما ينشر الكترونيا. كما صدرت تحذيرات من مجموعة من أعضاء مجلس الشورى مما تبثه تلك المواقع من مواد تحض على العصبية القبلية. ويشدد الدكتور عبدالرحمن العسيري، عضو هيئة التدريس في كلية العلوم الاجتماعية، على أن النعرات الطائفية أشد خطراً على وحدة الوطن من الإرهاب؛ ويعزو ذلك إلى أن الإرهاب ينحصر في فئة يمكن تحديدها والقضاء عليها، لكن العصبية القبلية سرطان ينتشر بسرعة في جسد الوحدة الوطنية للمملكة، بدعم وتأييد من أطياف المجتمع المتعددة. ويحدد معاول هدم الوحدة الوطنية في عدة أمور على رأسها القنوات الفضائية الشعبية، المنتديات القبلية، الألعاب الرقمية والذهنية، معرّفات البلوتوث.9
وقد نشر أحد المنتديات لقاءاً مع أحد العاملين في إحدى القنوات الشعبية، حيث أشار إلى أن القناة تتعمد إثارة النعرات القبلية بغرض الكسب المادي، ويشير إلى أن القناة التي كان يعمل بها كانت إيراداتها المالية من الرسائل النصية فقط تصل إلى ثلاثمائة ألف ريال، ومعظم تلك الرسائل كانت متعلق بإثارة النعرات وسب وشتم القبائل الأخرى.
وتتخذ حكومة المملكة العربية السعودية إجراءات مشددة بحق من يستخدم الإعلام بشكل عام بغرض الإساءة للآخرين ومن ذلك ما تنص عليه المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية التي تقضي بغرامة مالية تصل إلى خمسمئة ألف ريال أو السجن لمدة عام كامل، أو بهما معاً. كما قامت بإغلاق مكاتب اثنتين من القنوات بسبب إثارتهما للنعرات القبلية.
أما بالنسبة لإثارة الفتن الطائفية: فيكثر الحديث حول ذلك وهناك مئات المواقع المخصصة لهذا الغرض، والتي ليس لها هدف سوى بث الشبه والمعلومات التي تسيء للطائفة الأخرى، وبالطبع فالمجال متاح للنقاش غير المنضبط المشتمل على القذف والشتم، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتطاور إلى سعي كل فريق إلى تخريب موقع الآخر، بل إن هناك تحالفات متنوعة ممن يسمون بالكراك الذي اجتمعوا وليس لهم هدف من ائتلافهم سوى تخريب المواقع المخالفة، وهذا بالطبع ينقل الفعل من إساءة استخدام الوسيلة التقنية والإساءة إلى الآخرين التي كما أسلفت يعاقب عليها القانون بعقوبة تصل إلى السجن لمدة سنة وغرامة مالية لا تزيد عن خمسمئة ألف ريال بحسب المادة الثالثة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، إلى جريمة رقمية متعلقة بالتخريب يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى أربع سنوات وغرامة مالية تصل إلى أربعة ملايين، بحسب المادة الخامسة من نفس النظام.
ومسألة الفتنة الطائفية وإثارتها واستخدام الإعلام الجديد كسلاح بغرض تعرية الآخر ليست مقتصرة على بلدٍ بعينة؛ ففي مصر على سبيل المثال هناك عشرات المواقع الرقمية على الإنترنت المتخصصة في إذكاء وتغذية الفتنة الطائفية بين المسلمين والنصارى هناك، وفي العراق بين السنة والشيعة، وبين العرب والأكراد، ونفس الشيء في بقية البلدان العربية ن وليس المجال لاستعراض المزيد، وإلا فهذا المحور أو المبحث يحتاج إلى دراسات خاصة؛ وهو أخطر الثغرات الأمنية التي يمكن أن تستغل لزعزعة الأمن الوطني، حيث أننا كثيراً ما شاهدنا حوادث بسيطة جداً تضخم وتصور على أنها وقعت بين مسلمين ونصارى، رغم أن هناك حوادث أكبر تقع بين المسلمين أنفسهم وبين المنتمين للطائفة القبطية، ومع ذلك لا يبرزها بعض المغرضون في إعلامهم كما يفعلون مع تلك الحوادث التي يمكن أن يقتات منها وتقبل التهويل بحكم أن لها أبعاداً طائفية تلفت الانتباه وتحدث نوعاً من الإثارة وبالطبع فهناك من يريد أن يستغل مثل تلك الخلافات لأغراض ومآرب معروفة ولا تخفى على العقلاء.
ولكن كنماذج أسردها على عجل حول ما يبث من مساعي لبث الفتنة الطائفة؛ وكي لا يكون مقالي مبني على تخمينات وتحليلات مجانبة للحقيقة، فقد دعا موقع طائفي عراقي على الانترنت صراحة الى قتل المواطنين السنة على الهوية وتكرار مجزرة حي الجهاد، وهذا الشحذ يجد صداه لدى القراء حيث يعلق أحدهم: بون شاسع بين أحفاد علي وأحفاد معاوية. كما انتشر في شهر ربيع أول 1432هـ (فبراير2011م) مقطع فيديو يحوي قصيدةً لأحد الشعراء، مسبوقةً بكلام منسوب إلى الشيخ حسن الصفار، يدعو إلى سيطرة الشيعة على جميع البلدان العربية ويشيد بالحوثيين، وقد قام موقع الصفار بنفي ما نسب إليه. وعلى الصعيد المصري انتشر مقطع فيديو على العديد من المواقع الرقمية يدعو إلى مهاجمة نصارى مصر وحرق جميع الكنائس بإمبابة وذلك بعد الأحداث التي وقعت هناك في شهر جماد ثاني1432هـ (مايو 2011م) وأسفرت عن مقتل 12 شخصا وإصابة 240 آخرين. وكان هناك من نسب نشر ذلك المقطع إلى الموساد الإسرائيلي بغرض إشعال الفتنة الطائفية في مصر.
وبالطبع فالحديث عن إثارة النعرات والتعصب والفتن لا يقف عند حد؛ فهو ليس حكراً على القبلية والطائفية، بل يمتد إلى الرياضة، والمدن، والبلدان، والأديان، والملحدين، وعبدة الشيطان، وكل ما يبث في وسائل الإعلام الرقمية غير المنضبطة يهدد اللحمة الوطنية ويفتح الأبواب على مصراعيها لكل من يريد النفاذ إلى المجتمع والإخلال بأمنه، وإثارة الفتن والقلاقل بين أفراده.
  • رابعاً مخاطر متعلقة بالجريمة الجنائية الرقمية:
من ضمن ما تمخضت عنه التجربة الإعلامية الرقمية ظهور ما يسمى بالجريمة الرقمية، وأشكالها متعددة ولا يمكن حصرها، كما يولد لها كل يوم شكلٌ جديد، وتنشر أخبار عن حوادث وجرائم رقمية متفرقة في أنحاء المعمورة. وهذه تسببت في تهديدات حقيقية على الأمن وأضافت أعباء جديدة إلى الشرط المحلية المرهقة والمشغولة بالجريمة الاعتيادية، فكيف سيكون الحال وقد أضيف شكلٌ جديد مختلف تماماً عن توأمه ويحتاج إلى خبرة ودراية وتأهيل، كما أن الجاني البسيط الذي كان يحضر إلى المدينة في السابق ليرتكب جنايته لن يضطر إلى ذلك مع الإعلام الرقمي الجديد ولعلي أطرح بعض الأشكال الخاصة بالإعلام تحديداً، وإلا فالجريمة الرقمية متشعبة وتحتاج إلى إصدار خاص بها.
من أشكال الجرائم الرقمية: سعي بعض أصحاب المواقع الإخبارية إلى إرسال رسائل بطرق عشوائية باستخدام برامج تبث آلاف الرسائل إلى عناوين بريدية تم الاستيلاء عليها بطرق غير شرعية، مع العلم أن المواقع العالمية المالكة لمواقع البريد الإلكتروني تعد هذه الطريقة غير مشروعة وتعاقب عليها بحجب عنوان المرسل وتحويل رسائله إلى البريد غير المرغوب. كما أن هناك عمليات ملاحقة وتعقب مستمرة تقوم بها الشركات المعنية ومن ذلك ما فعلته شركة مايكروسوفت بشبكة راستوك التي كانت تقوم ببث رسائل بريدية على بريد الهوت ميل وبكميات كبيرة جداً حيث تمكنت في النهاية من تفكيك تلك الشبكة المكونة من أكثر من مليون جهاز حاسوب.
  • أحد أشكال الجرائم الرقمية:

الابتزاز من خلال تهديد الجاني ضحيته بنشر صور خاصة جداً لها في مواقع الإنترنت المختلفة، وعبر البلوتوث أو أجهزة البلاك بيري أو البرامج المختلفة المرفقة بأجهزة الهواتف الذكية مثل برنامج الواتس آب؛ إن لم ترضخ له وتستجيب لمطالبه سواء كانت تلك المطالب مادية أو معنوية. ومنه قيام أحد المخربين بسرقة بيانات البريد الرقمي لإحدى الفتيات ومساومتها على تزويده بمبالغ مالية وفي حال رفضت ذلك سيقوم بنشر صورها في مواقع الإنترنت بعد أن يقوم بعمل دبلجة للوجه مع أجساد عارية من خلال برنامج الفوتو شوب، وفي حال استجابتها لطلبه فسوف يعيد لها كلمة المرور الخاصة بعنوانها البريدي.
  • من أشكال الجرائم الرقمية المتعلقة بالإعلام الرقمي:
التخريب ومن ذلك قيام مجموعة ممن ينسبون أنفسهم إلى المذهب السني بتخريب عشرات المواقع الخاصة بجماعات أو أشخاص ينتمون للمذهب الشيعي، والعكس وقد سجلت عشرات الحالات، ومن ذلك أيضاً قيام مجموعات بمهاجمة موقع ماستر كارد بعد تجميدها حسابات موقع ويكيليكس، وغيرها كثير من الجرائم المشابهة.

المبحث الخامس: الحلول والتوصيات

الحلول

بعد أن استعرضت بشكل موجز شيئاً من الدور الذي تلعبه مواقع الإنترنت وبعض القنوات الفضائية وتأثيراتها السلبية على الأمن بشكل عام، يجدر بي أن لا أغرق في الحلول هنا، ولكني أشدد على أهمية دور المنزل خاصة في حال كانت شخصية الأبوين قوية ومؤثرة وإيجابية لأن الأبوين الفاعلين أو حتى احدهما يستطيع مراقبة تحركات الأبن وسكناته، وأن يمنعا ابنهما من مخالطة رفقاء السوء مع متابعة تصرفاته داخل البيت وماذا يشاهد ويسمع مع مراقبة مواقع الإنترنت التي يتصفح ويزور وتوجيهه أولاً بأول وهنا الفرق الأهم بين الأبوين الإيجابيين والسلبيين، فالأب الإيجابي مع قوة الشخصية والقدرة على الإقناع والتأثير والتوجيه لا ينفك عن متابعة ابنه ومعرفة المواقع التي يزور والتحقق من مدى ملائمتها له من ثلاث نواح:
1. هل هذا الموقع خالٍ من المواد المخلة بالأمن بكافة أشكاله. ‌#نوعية المادة التي يبثها الموقع والرسالة التي يسعى القائمون عليه إلى إصالها. ‌
2. مدى مناسبة محتوى الموقع للعمر السني والفكري للابن مع التحقق من اشتماله على مادة متنوعة تخدم الابن وتنمي الجوانب المعرفية لديه.
كما أن دور الأبوين هنا لا يتوقف على مراقبة مواقع الإنترنت فقط بل يجب أن يمتد إلى الوسائل التقنية الأخرى وعلى رأسها الهاتف الجوال وما يتلقاه الابن من مكالمات وإن كان يصعب فعل ذلك إلا أنه يمكن استنتاجه من خلال تصرفات الابن أثناء تلقيه المكالمات الهاتفية حيث أن مغادرته المكان أو حديثه بصوتٍ خافت أو عدم الرد على المكالمات ربما تكون دلائل على وجود خلل لدى الابن وتشير إلى ارتباطه بصحبه غير جيدة يستقي منها ما يتعارض مع المبادئ التي يسعى الوالدان إلى ترسيخها في ذهنية الابن. كما أنه من الأهمية بمكان اطلاع أولياء الأمور على ما يحتويه هاتف الابن الجوال من رسائل نصية ومقاطع مرئية ومسموعة سواء كانت واردة من خلال رسائل الوسائط أو البلوتوث، وما يؤسف له أن كثيراً من أولياء الأمور خاصة الأبوين لا يعلمون ما يتلقاه أبنائهم عبر البلوتوث أو من خلال رسائل الوسائط وهذا ما "تظهره" (كمؤشر) الدراسة الميدانية التي أجريتها في محافظة جدة حيث اتضح لي أن معظم الآباء والأمهات لا يعرفون الكثير عن أبنائهم ولا عما يفعلون داخل منازلهم فلا نوعية القنوات التلفزيونية التي يشاهدها الأبناء معلومة لكثيرٍ من الآباء ولا مواقع الإنترنت التي يتم تصفحها ونفس الشيء ينطبق على الهواتف الجوالة والألعاب الإلكترونية.

التوصيات

  1. يرى الباحث أهمية ملاحظة الدور الذي باتت تلعبه بعض القنوات الفضائية وتأثير بعضها السلبي الواضح على أفراد المجتمع، مع ضرورة التنسيق مع ملاك تلك القنوات لتوجيهها بما يخدم المجتمع ويعين على نشر ثقافته، لا تركها تبث ما يؤثر فيه سلباً من خلال بث مواد غير متوافقة مع شريعته، دون حسيب أو رقيب.
  2. لاحظ الباحث من خلال بحثه في هذا المجال أن بقاء الأبناء في منازلهم لم يعد كافياً لحمايتهم وتحصينهم من المتغيرات السلبية بالشكل الذي كان عليه الحال بالنسبة للأجيال السابقة؛ فقد يكون الإبن في غرفته وفي ظن أهل بيته أنه في أمان بعيداً عما قد يتعرض له من سلبيات خارج المنزل أو حتى أمام بعض القنوات الفضائية، بينما هو يتصفح الإنترنت أو يمارس الألعاب الرقمية وما فيها من اتصال بلا قيود بالعالم الخارجي لا يقف خطره عند حد ولا يسع المجال لذكره، ولا يبالغ الباحث حين يشير إلى أن الشارع رغم ما فيه من سلبيات أقل ضرراً من بيئة بعض غرف الأبناء غير المراقبة. ويشدد الباحث على الأسرة أن تراقب أبنائها رقابة فاحصة ولا تكتفي بالرقابة الجسدية، بل من المهم أن تتعرف على طبيعة المواقع التي ينهلون منها، وغرف المحادثة التي يمضون فيها جزءاً غير يسيرٍ من أوقاتهم، والأهم من ذلك نوعية الألعاب الرقمية التي يمارسون، وقد ثبت أن كثيراً من التغيرات السلبية هي نتاج لغياب الرقابة الأبوية على الأبناء. ويلفت الباحث النظر إلى أنه من خلال تعمقه في البحث لاحظ أن الأسر التي يجنح أبنائها نتيجة استخدام وسائل التقنية المتوفرة في المنازل، ليس بالضرورة أن تكون اسرٌ غير مبالية، بل إن بعضها أسرٌ حريصة جداً، لكنها لم تكن تعلم ما تحويه تلك الوسائل التقنية، ويرجو الباحث أن يُعتنى بهذه التوصية وأن تصل لكل أسرة لأخذ الحيطة والحذر في جانب أمنوه في غفلة منهم، ويمكن أن ينطبق على بعضهم المثال الذي يقول: "من مأمنِه يُؤتَى الحَذِر".

مراجع

1: دكتور. محمود عودة، أساليب الاتصال والتغير الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية.
2: صالح خليل ابو اصبع ،تحديات الاعلام العربي- دار الشروق.
3: نبيل عارف الجردي: مقدمة في علم الاتصال، مكتبة الإمارات.
4: محمود عبد الرؤوف كامل ، نجيب الحصادي : مقدمة في علم الاتصال و الاتصال بالناس، مكتبة نهضة الشرق.
5: د. جبارة عطية جبارة، علم اجتماع الإعلام، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.
6: من الآية (110) سورة المائدة.
7: جاك غولد سميث وتيم وو، من يحكم الإنترنت؟ أوهام بلا حدود، هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة
8: دراسة أجراها د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي حقيقة معرفة الآباء بطبيعة استخدامات أبنائهم لوسائل التقنية الحديثة (الإنترنت، الهاتف الجوال، الألعاب الإلكترونية، القنوات الفضائية) قام خلالها بعمل استبانةشارك في الإجابة عليها مئة أسرة كل واحدة منها تتألف من أحد الوالدين وأحد الأبناء ممن يدرسون في إحدى المرحلتين المتوسطة أو الثانوية، وكانت الاستبانة موجهة إلى (الابن/البنت) وأخرى شبيهة بها موجهة إلى (الأب/الأم) أجريت في محافظة جدة حيث كنت ألتقى الباحث ببعض الأسر، ومن ثم أخذ كل واحد منهما على حدة ويطلب منه تعبئة الاستبانة التي كانت اسئلتها تطرح بنظام المقابلة أيضاً بحيث يحصل على الإجابة الدقيقة ويضمن في نفس الوقت أن الوالد لا يمكنه معرفة اجابات ابنه أو الاستفادة منها.
9: ندوة بمناسبة اليوم الوطني السعودي، بعنوان (المواطنة الصالحة... المفهوم والمقومات)، عقدت عام 1428هـ (2007م) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
10: مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام.

مصادر خارجية

11: موقع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية http://www.kacst.edu.sa
12: هذه الإحصائيات قامت بها مجموعة ميني واتز للتسويق ويمكن الوصول إليها عبر الرابط التالي:http://www.internetworldstats.com
13: تقرير بعنوان: (جوكربيرج الشاب الذي حوله موقع فيس بوك الى مليونير) أعده الكاتب محمد القصاص، ونشرته البي بي سي على موقعها http://www.bbc.co.uk/arabic/ بتاريخ 15/9/1428هـ الموافق 26/9/2007م.
14: أشارت إلى ذلك صحيفة عكاظ السعودية في ثنايا تحقيق بعنوان(أكاديميون ومختصون: التعصب القبلي الإلكتروني مرض ينخر جسد الوحدة الوطنية) نشر بتاريخ 6/1/1430هـ (2009م)http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20090103/Con20090103249859.htm.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق